بقلم : سري القدوة
ان مسلسل احراق المسجد الاقصى المبارك العدوان علي الاقصى مستمر منذ اكثر من خمسين عاما ويتكرر المشهد مع اجراءات الاحتلال الاسرائيلي وممارساته القمعية بحق المسجد الاقصى بشكل يومي، حيث تحل علينا الذكرى الخمسين على إحراق المسجد الأقصى المبارك عام 1969، والتي تصادف الحادي والعشرين من آب/ أغسطس من كل عام ، وفي هذا التاريخ الذي لا ينسى ولن تنساه الاجيال من امتنا العربية والاسلامية، أقدم الإرهابي الصهيوني المتطرف، دينيس مايكل، على إشعال النار في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى، حيث أتت النيران على كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.
وأثار إحراق المسجد الأقصى من قبل المتطرف مايكل، ردود فعل كبيرة، وأدى في اليوم التالي للحريق آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت المظاهرات بالمدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، ومن بين ردود الفعل، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 لعام 1969، بتاريخ 15 أيلول/ سبتمبر، والذي أدان حكومة الاحتلال الاسرائيلي لمسؤوليتها عن حرق المسجد الأقصى، ودعا إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس، والتقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي «ينظم» الاحتلال العسكري، وحكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي ادعت وبعد إلقائها القبض على الاسرائيلي الجاني، ووجدت له مبررا انه مجنون ومختل عقليا، ليسافر إلى مسقط رأسه أستراليا، بعد أن مكث فترة قصيرة في مستشفى للأمراض النفسية قرب عكا، وما زالت حكومة الاحتلال تضرب بكل المواثيق والقرارات الدولية بعرض الحائط ولا تعترف مطلقا بهذه القرارات وتمارس الاستيطان وسرقة اراضي القدس وتقيم المستوطنات عليها لتغير معالم القدس التاريخية بالإضافة لاستمرارها بالحفريات اسفل المسجد الاقصى مما يساهم في اضعاف بنيته التحتية ويعرضه للانهيار بأي وقت .
ان الاحتلال العسكري الإسرائيلي يستمعن في ارتكاب جرائمه بحق المسجد الأقصى منذ قيامه بحرق المسجد بشكل متعمد ويمارس أبشع الأساليب لسرقة التاريخ الإسلامي وطمس المعالم العربية والإسلامية، وقد صعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تلك الممارسات بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، حيث تستمر في طغيانها كقوة احتلالية قائمة على الاحتلال والاستيطان العسكرى وتمارس الخروقات لكل المعاهدات والتفاهمات الدولية بشان وضع القدس القانوني والتاريخي .
إن سلطات الاحتلال تعمل وتحاول ان تسرق التاريخ وتقوم على تزوير الحقائق والاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني وتمارس العنصرية المطلقة ضد العرب والمسلمين اصحاب الارض في القدس، وان كل هذه الممارسات لن تغير الحقيقة مهما طال الزمن، فالقدس فلسطينية الوجه عربية العمق وعالمية وإسلامية البعد كانت وستبقى عبر التاريخ وتمثل قوة الحضارة التى ستنتصر مهما طال الزمن .
ان ذكرى حرق المسجد الاقصى من الذكريات أللأليمة وتمثل كارثة حقيقية ونكبة متجددة لن ينساها أو يغفر لها أبناء الأمة العربية والإسلامية وهي باقية في وجدان الجميع وشاهدة حية علي قمع الاحتلال الإسرائيلي وعنصريته والاضطهاد الديني الذي تمارسه سلطات الحكم العسكري الإسرائيلي، وان الذكرى الخمسين لحرق المسجد الأقصى المبارك تدفعنا بشكل جاد وحقيقي للعمل على دعم صمود أبناء شعبنا في سائر انحاء فلسطين وبالأخص في القدس الشرقية، وتفعيل الجهود والعمل والتنسيق الدائم بين القيادة الفلسطينية والحكومة الاردنية وعلى كافة المستويات لمواجهة الاقتحامات الإسرائيلية في القدس، وبالأخص انتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية والعمل على تنسيق الموقف بشكل عاجل ومستمر لمواجهة الانتهاكات والإجراءات الاسرائيلية التي تخترق الاتفاقيات الموقعة بين المملكة الأردنية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن الوصاية الاردنية على المقدسات .
ان جماهير الشعب الفلسطيني الصامد في القدس وفي باقي فلسطين المحتلة، يؤكدون دوما صمودهم وعملهم الكفاحي والوطني وتمسكهم بحقوقهم العادلة والغير قالبة للتصرف وبأمانهم المطلق بعدالة القضية الوطنية التي يناضلون من اجلها واستعدادهم الدائم من اجل الكفاح ومواصلة النضال لتحقيق الحقوق الوطينة المشروعة في الحرية والاستقلال وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وفي هذا المجال نؤكد على الدور المهم والتاريخي للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة حيث مواقف جلالة الملك عبد الله الثاني الراسخة والثابتة في الدفاع عن مدينة القدس المحتلة، وحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية فى المدينة، باعتبار جلالة الملك صاحب الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات وخاصة المسجد الأقصى المبارك، مما يؤكد الترابط والبعد الحضاري والكفاحي لوحدة الدم والمصير المشترك بين الشعبين الفلسطيني والأردني .
اننا وفي الذكرى الخمسين لإحراق المسجد الأقصى نؤكد على اهمية ان تتكاتف الجهود العربية والإسلامية من اجل القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية حيث يهددها الخطر الشديد، مما يتطلب صحوة عربية وإسلامية ودولية، خاصة بعد الهجمة المبرمجة من قبل سلطات الاحتلال لتهويد المدينة بدعم مطلق من إدارة ترامب للسيطرة على القدس بشكل كامل والقضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة، ولا بد من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي العمل علي وضع خطة عاجلة وضرورة حماية المسجد الاقصى، والعمل على التوجه إلى السيدة المحامية فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بفتح التحقيق الجنائي الدولي ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، والمجتمع الدولي بالوقوف أمام مسؤولياته من أجل إنفاذ توفير الحماية الدولية العاجلة، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334، وضرورة وضع آليات جديدة لإيجاد الحلول في المنطقة وتحديد الأسباب الجذرية وراء المعوقات التي تقف أمام استقرار المنطقة وضمان السلام والأمن فيها .
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com
سري القدوة
رئيس تحرير جريدة الصباح
http://www.alsbah.net
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق